لم يكن سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُكثِـر من النّوم بحال، ولم
يكن نومه غفلة عن عباداته، فكان ينام بعض اللّيل، ثـمّ يقوم فيُصلّي لربّه
وحده في جوف اللّيل، فربّما نام أوّل اللّيل، ثـمّ قام وسطه، ثـمّ نام
بعضه ثـمّ قام آخرَهُ.
بل عَدَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العبادة
باللّيل من أفضل العبادات، لأنّها متّصفة بالإخلاص، وتُكسِب القلب إيمانًا
وشفافية ونقاء، ويقترب العبد فيها أكثـر من ربّه، فيقول في حديثـه: ''أفضل
الصّلاة بعد المكتوبة قيام اللّيل''، أخرجه مسلم.
ولم يكُن عليه
الصّلاة والسّلام يحرص على تهيئة مكان فاخر لنومه، وإنّما كان ينام على
فراش بسيط جدًّا. تقول زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها: ''إنّما كان
فِراش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّذي ينام عليه من أدم حشوُهُ
ليف''، أخرجه البخاري ومسلم. بل قد أمر صلّى الله عليه وسلّم أُمَّته أن
''يرتبطوا بذِكر الله في نومهم ارتباطًا أكثـر من ذلك، فيحتموا بربّهم مِن
أذَى الشّيطان في النّوم، ويتخفّوا من آلام الأحلام المفزعة والتّصوّرات
المخيفة باللّجوء إلى ذِكر الله، فكان يأمُر مَن فزع من نومه أن يذكُرَ
الله ويستغفره''، أخرجه البخاري.